جاء في الأثر أن أحد الملوك أراد مشاهدة المجانين ، كيف يعيشون ؟
وما هي أهدافهم في الحياة ـ اذا كانت لهم أهداف ؟
فأدخلوه علي جماعة منهم يتحدثون ويتباسطون فيما بينهم بأحاديث مرحة ،
ولكن ليست لها غاية ولاهدف .
فاختار شابا أنيقا منهم يبدوا عليه الصمت وشيء من الوقار ، وكانت هيئته
علي وجه الاجمال حسنة جدا ، فاقترب منه وسأله عن أشياء كثيرة ،
فأجابه عنها جميعا بأحسن جواب ، ثم قال المجنون للملك :
ــ أيها الملك ! .. اني أسألك سؤالا واحدا
ــ وما هــــــــو ؟!
ــ قال المجنون : متي يجد النائم لذة النوم ؟
ــ فقال : حال نومـــه !
فهز المجنون رأسه سلبا وقال :
ــ لا ! ليس الأمر هكذا ايها الملك !! فان النائم في حالة النوم ليس له احساس .
ــفقالالملك متحيرا : اذن .. قبل النوم
ــ فقال المجنون : كيف توجد لذته قبل وجوده ؟!
ــ فقال الملك : .. بعد النـــــوم
ــ فقال المجنون لآ ! لا ! كيف توجد لذته وقد انقضي ؟!
فزاد اعجاب الملك بهذا المجنون واختاره نديما له .
وفي مجلس الشراب تناول الملك الكأس ، وناول المجنون كأسا أخري وقال له :
اشـــــــــرب .
ــ فقال المجنون : ايها الملك ، اني أريد أن أصارحك بشيء وأنا آمن .
ــ فقال الملك بتعجب : أنت آمن ايها الشاب ، فقل مــــا تريـــــــد ،
اذ يبدو أنني استزيد منـــــــك علمــــــــا .
ــ فقال المجنون وهو يرد الكأس .
أنت شربت هذا لتصير مثلي ... فأنا أشربه لأصير مثل من ؟
فبكي الملك ، اعجابا بذلك المجنون ، واعجابا بما قال ، ورمي بكأسه من فوره ، وقال :
ــ حقــــا !! صدق من قال : خذوا الحكمة من أفواه المجانين .